وسط مطالبات بالعدالة.. جريمة خطف وقتل طفل تهز الشارع الجزائري

وسط مطالبات بالعدالة.. جريمة خطف وقتل طفل تهز الشارع الجزائري
الطفل عبد الرحمن طويلي

هزّت الجزائر، جريمة مروّعة جديدة راح ضحيتها الطفل عبد الرحمن طويلي، البالغ من العمر 4 سنوات، بعدما عُثر على جثته في منطقة نائية بمكناسة بولاية الشلف، وذلك بعد أربعة أيام من اختفائه الغامض من منزل عائلته في بلدة الشرفة.

وأثارت الحادثة صدمة واسعة في الشارع الجزائري الذي لم يكد ينسى مأساة الطفلة مروة بوغاشيش، التي عُثر على جثتها قبل أربعة أشهر في غابة جبل الوحش بمدينة قسنطينة في حالة متقدمة من التعفن، بحسب ما ذكرت صحيفة “النهار” الجزائرية، اليوم السبت.

وتُجسد هذه الجرائم نمطاً مقلقاً من العنف المتصاعد الذي بدأ يتحول إلى ظاهرة تهدد بنية المجتمع الجزائري وتزعزع إحساسه بالأمان.

دعوات لتحقيق العدالة

ذكرت مصادر قضائية أن النيابة العامة فتحت تحقيقاً عاجلاً بإشراف أمني مباشر لتحديد ملابسات الجريمة الجديدة وكشف هوية الفاعلين، وسط حالة من الغضب الشعبي العارم.

وتفاعل الجزائريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشعارٍ موحد "إلى متى؟"، معبّرين عن سخطهم من استمرار الجرائم الوحشية دون حلول جذرية، ومطالبين الحكومة بتشديد القوانين وتطبيق أقصى العقوبات على مرتكبي جرائم القتل والاغتصاب واختطاف الأطفال.

ورأى ناشطون أن تكرار هذه الأحداث يرمز إلى خلل عميق في المنظومة الاجتماعية والأخلاقية، مؤكدين أن فقدان الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية قد يُفاقم حالة الهلع والاحتقان داخل المجتمع.

تحول ثقافي مقلق

أشار مختصون في علم الاجتماع إلى أن الجزائر تعيش مرحلة خطيرة من "العنف الثقافي"، حيث بدأت مظاهر القسوة واللامبالاة تتغلغل داخل الأسرة، والشارع، والمدرسة، وحتى داخل المؤسسات الرسمية.

وأكدت الباحثة الاجتماعية فتيحة بن دحمان، أن "تكرار هذه الجرائم يعبّر عن تحوّل ثقافي في بنية المجتمع، إذ لم تعد الجرائم مجرد أفعال فردية، بل انعكاساً لأزمة قيمية عميقة تضعف فيها الروابط الإنسانية".

وأضافت أن تراجع دور التربية داخل الأسرة، وتدهور المنظومة التعليمية، وانتشار الإحباط والبطالة بين الشباب، ساهمت جميعها في تفكك النسيج الاجتماعي وغياب الضوابط الأخلاقية.

انعكاسات نفسية واجتماعية

أحدثت هذه الجرائم المتكررة صدمة جماعية في المجتمع الجزائري، إذ بات الخوف يُخيّم على الأسر التي تخشى على أطفالها حتى في أبسط الأنشطة اليومية.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن بعض العائلات في مناطق الشلف وقسنطينة تمنع أبناءها من اللعب في الخارج أو الذهاب إلى المدارس بمفردهم، بعد سلسلة من جرائم الاختطاف التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.

ويرى أطباء نفسيون أن هذا الخوف المزمن من المجهول قد يؤدي إلى اضطرابات جماعية، أبرزها القلق الاجتماعي وفقدان الإحساس بالأمان، ما ينعكس سلباً على السلوك العام والعلاقات بين أفراد المجتمع.

العنف وتحدي المواجهة

تُعيد هذه الحوادث المأساوية فتح النقاش حول أسباب تنامي العنف في الجزائر، وهو نقاش يعود إلى بدايات الألفية الجديدة حين تصاعدت جرائم القتل والاغتصاب بعد سنوات من الحرب الأهلية التي خلّفت آثاراً نفسية عميقة في الوعي الجمعي الجزائري.

ويُحذر خبراء من أن الذاكرة الجماعية المليئة بالعنف خلال "العشرية السوداء" ما زالت تلقي بظلالها على الأجيال الجديدة، لتتحول إلى نمطٍ متوارثٍ من التعامل العدواني داخل المجتمع.

ويطالب ناشطون بإطلاق برامج وطنية لإعادة بناء الثقة وترسيخ قيم التسامح والتربية المدنية في المدارس، إلى جانب إصلاح المنظومة القضائية والأمنية لضمان سرعة العدالة وردع المجرمين.

جرس إنذار خطير

يُجمع الجزائريون اليوم على أن ما حدث مع الطفل عبد الرحمن ومروة من قبله ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو جرس إنذار خطير يستوجب تحركاً وطنياً عاجلاً.

وتبرز الحاجة الملحّة إلى مواجهة شاملة للعنف، لا تقتصر على الردع القانوني فحسب، بل تمتد إلى إعادة بناء منظومة القيم، وتحصين الأجيال الجديدة من الانحدار نحو القسوة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية